أجواء غير معتادة سيطرت على المدينة الرياضية جوان غامبر صباح الخميس. بدا كل شيء طبيعيًا في الظاهر: الصحفيون يتابعون ربع الساعة المسموح بها من الحصة التدريبية، اللاعبون يتحركون بانضباط، والمدربين يتبادلون التعليمات. لكن خلف هذا الهدوء، كانت هناك طبخة سرية تُعدّ على نار هادئة. قرارات مصيرية تتعلق بمستقبل لاعبين، وخطة موسمية مختلفة تمامًا عمّا عرفه الفريق الكتالوني في الأعوام الماضية.
في لحظة لافتة، خرج المدرب الجديد للفريق الأول بابتسامة هادئة، ولوّح للصحفيين ببضع كلمات مقتضبة، ثم أسرع بالعودة إلى محادثة جانبية مع أحد مساعديه. لم يكن هناك شيء واضح للوهلة الأولى، لكن العيون التي تابعت المشهد أدركت أن بداية جديدة على وشك الانطلاق. بداية لا تشبه ما قبلها، وتحمل رسائل غير معلنة إلى غرفة الملابس.
لمزيد من أخبار اخبار برشلونة اضغط هنا
القرارات التي كانت تُجهّز بعيدًا عن الأضواء بدأت تتسرّب تدريجيًا. من سيسافر إلى الجولة الآسيوية المنتظرة، ومن سيُستبعد؟ من سيلفت الأنظار، ومن سيتحوّل إلى مجرد هامش في دفتر المدرب؟ عند هذه النقطة فقط، انكشف الاسم الذي يقود كل شيء من الخلف: المدرب الألماني **هانسي فليك**، الذي يبدو أنه لم يحتج وقتًا طويلًا ليضع أولى لمساته الجريئة.
فليك، المعروف بدقته وصرامته، قرر ألا يصطحب سوى 26 لاعبًا في الرحلة الآسيوية التي تشمل مواجهات مع أندية مثل فيسيل كوبي، إف سي سيول، ودايغو الكوري الجنوبي. هذا القرار وحده يعني أن هناك عشرة لاعبين من الفريق الحالي سيُستبعدون عن الجولة، وهو ما فتح أبواب الأسئلة والشكوك وحتى التوتر داخل المعسكر الكتالوني.
من بين الأسماء التي بدأت ملامح غيابها تتشكل، كان **تير شتيغن**، الحارس الألماني، الذي ما زال يخضع لتدريبات فردية بسبب إصابة في الظهر، واحتمالات لحاقه بالبعثة باتت ضعيفة. كذلك، يواجه اللاعب مارك بيرنال، العائد من إصابة طويلة في الرباط الصليبي، وضعًا غامضًا، حيث يخضع لمراقبة يومية من الطاقم الطبي، دون تأكيد حول مشاركته.
لكن المفاجأة الكبرى كانت في الحديث المتداول حول مستقبل **أوريول روميو**، اللاعب الذي عاد الموسم الماضي بعقد يمتد لعام آخر، لكنه حسب تسريبات قريبة من الطاقم الفني، لن يكون ضمن حسابات المدرب الجديد. يُقال إن النادي بدأ فعليًا في البحث له عن عرض للرحيل، إما على سبيل الإعارة أو البيع النهائي.
أما على مستوى الشباب والرديف، فالوضع أكثر تعقيدًا. فليك عبّر في جلسات مغلقة عن إعجابه بعدد من المواهب الصاعدة مثل جان فيرجلي، جوفري تورينتس، وداني رودريغيز، بالإضافة إلى روني باردغجي. ورغم إشادته العلنية، فإن مؤشرات عدة توحي بأن نصف هؤلاء لن يسافروا إلى آسيا، بل سيبقون في برشلونة لمواصلة التدريب تحت المراقبة.
في هذا السياق، تؤكد المصادر أن الحسم لن يكون عبر الأسماء أو التاريخ أو الواسطة، بل فقط بالأداء خلال التمارين اليومية. المدرب أخبر بعض اللاعبين بشكل شخصي أن مشاركتهم في الجولة مرهونة بسلوكهم وتركيزهم داخل التدريبات. لا مجال للعشوائية، ولا فرصة ثانية، فالرؤية واضحة: اللاعب الأكثر التزامًا هو من يستحق السفر.
هذه السياسة الجديدة تعكس فلسفة فليك التي تؤمن بالاختزال والتركيز. هو لا يحب العمل مع مجموعات ضخمة، بل يفضل التعامل مع مجموعة ضيقة تستطيع التماهي مع أفكاره التكتيكية، وتتقبّل الحصص التدريبية الذهنية والفنية المكثفة. ولهذا، كانت قراراته حاسمة منذ اليوم الأول.
الجولة الآسيوية التي يستعد لها برشلونة، لم تعد مجرد محطة تحضير للموسم، بل أصبحت مرآة أولى للموسم المقبل. من يشارك فيها قد يكون ضمن التشكيلة الأساسية في أولى جولات الليغا، ومن يُستبعد منها قد يجد نفسه في نهاية القائمة أو حتى خارج أسوار النادي.
ومع اقتراب إعلان قائمة الجولة خلال الأيام المقبلة، يعيش اللاعبون حالة من الترقب، فيما ينتظر الجمهور معرفة من سيكون جزءًا من “برشلونة الجديد”، ومن سيغادر القافلة قبل أن تبدأ الرحلة الحقيقية.