منذ قدوم المدرب الإسباني تشافي هيرنانديز لمقاعد بدلاء برشلونة وهو ينوي عمل تغييرات هيكلية عميقة، داخل وخارج الملعب في مقر تدريبات “خوان جامبر”، وكأنه كان يجهز لخطوة تدريب البارسا منذ سنوات.
كانت التغييرات الفورية الأكثر وضوحا مع الفريق، في أول ثلاث مباريات لتشافي في قيادة برشلونة، حيث كان الفريق يلعب بمزيد من الثقة والكثافة، ويضغط بشكل أكبر، ويتحمل المزيد من المخاطر، ويتقدم إلى الأمام بالمزيد من اللاعبين.
الحزن والكآبة التي أحاطت بالنادي الكتالوني خلال المراحل الأخيرة من رئاسة “جوسيب ماريا بارتوميو” الكارثية تم استبدالها أيضًا بموجة من الإيجابية والتفاؤل، خين أتى الرئيس الجديد “خوان لابورتا”، وبدأ شعور في النمو بأنه على الرغم من ديون النادي الضخمة، والتشكيلة غير المتوازنة، إلا أنهم فكّوا العقدة الأكبر وبدأت المياه في الخروج من الأنبوب.
ونقلت منصة “The Athletic” من مصدر مطلع داخل القلعة الكتلونية، أن “تشافي هو أكثر الناس حماسة”، ويتعامل على أن هذا حلم كان يعمل من أجله لفترة طويلة، إنه مقتنع جدا أن كل شيء سوف يسير على ما يرام.
لكن ثاني أكثر من مثل البارسا بعد ميسي والجميع حوله يعرفون أن مثل هذا التفاؤل غير كافي، لقد بدأ للتو في اتخاذ الخطوات الأولى فيما يمكن أن يكون رحلة طويلة ومتعرجة للعودة إلى القمة.
كانت التصريحات العلنية الأولى لتشافي كمدرب لبرشلونة مفاجأة لبعض الذين اعتقدوا أنهم يعرفونه كصانع ألعاب وفيلسوف مهتم في الغالب بتكتيكات الفريق المعقدة.
في عرضه التقديمي، بدا إلى حد كبير وكأنه مدرب من المدرسة البرتغالية الكلاسيكية يشكو من أن المعايير حول الفريق قد تراجعت منذ أيامه كلاعب، لكنه أوضح أنه لن يُسمح الآن سوى بأقصى قدر من الالتزام والانضباط.
قال تشافي في أول مؤتمر صحفي له: “لكي نتمكن من المنافسة ، نحتاج إلى النظام، الأمر لا يتعلق بالصعوبة، بل يتعلق بالنظام والقواعد، ويجب اتباع القواعد، عندما كانت لدي قواعد في غرفة الملابس، سارت الأمور على ما يرام، عندما لم يتم اتباع القواعد، لم تسر الأمور على ما يرام”.
قد تكون العبارة الني انتظرها المشجعون والنقاد هي حديث تشافي عن إرث يوهان كرويف والفرق بين رقم 6 ورقم 8 في نظامه المفضل 4-3-3، ولكن وبدلاً من ذلك دعا للمزيد من الانضباط داخل الفريق.
قواعد تشافي العشرة
في اليوم التالي لقدوم “المايسترو” ظهرت لوحة معلقة على جدران مقر تدريبات البارسا، تحتوي على قواعد جديدة يجب على اللاعبين اتباعها، منها ما تم إعلانه لهم، ومنها ما اتفق عليه النجم الكتلوني مع مجلس الإدارة، وتم تطبيقه تدريجيًا خلال الثلاثة أسابيع الأخيرة.
فيا ترى ما هي الخطوات التي حرص تشافي على تنفيذها فور قدومه إلى برشلونة؟
1- وصول جميع اللاعبين قبل 90 دقيقة من بدء جميع الحصص التدريبية “بدلاً من 60 دقيقة تحت قيادة رونالد كومان”.
وتم بالفعل تغريم عثمان ديمبيلي مبلغًا لم يكشف عنه، لوصوله متأخرًا ثلاث دقائق إلى ملعب التدريب يوم الجمعة من الأسبوع الأول لتشافي.
2- إلزامية تناول جميع اللاعبين للطعام والوجبات سويًا، وهذا ما كان يحرص الجيل التاريخي للبلاوجرانا على فعله، مما ساعد على تكوين صداقات، وتسبب في توطيد العلاقات بين نجوم الفريق الأول، وهي الأجواء التي يسعى تشافي لفرضها على غرفة الملابس.
3- تمت إعادة فرض غرامات سوء السلوك مرة أخرى، والتي تم إلغاؤها تدريجياً منذ عهد تشافي كلاعب مع اعتماد المدربين السابقين على إحساس اللاعب بالمسؤولية الشخصية.
4- تم حظر الرحلات والأجازات غير المصرح بها للأمور الشخصية، أو المشاركة في أي رياضة أو أنشطة تنطوي على مخاطر الإصابة، مع التدقيق والمراقبة لحياة اللاعبين الشخصية.
وتخلى البارسا عن تلك المراقبة في الفترة الماضية، بعدما تم تصوير جيرارد بيكيه من قبل بعض وسائل الإعلام الإسبانية وهو يستمتع مع أسرته خلال فترة التوقف الدولية في سبتمبر الماضي، بينما شوهد لاعب خط الوسط الشاب “ريكي بويج” في وقت سابق من هذا الشهر وهو يستخدم “سكوتر كهربائي” في شوارع وسط المدينة.
5- عزل مدرب الأحمال السابق “ألبرت روكا” عن منصبه، وفرض تدريبات أكثر حدة وشراسة، تحت قيادة اختصاصي جديد للفريق وهو “إيفان توريس” صديق الطفولة لتشافي في بلدة “تيراسا” الكاتالونية.
وقد عمل توريس سابقًا كمدرب للياقة البدنية في الفريق الأولمبي البحريني، ثم انضم إلى ليدز يونايتد قبل أن ينضم إلى تشافي في السد.
6-إعادة فكرة دعوة اللاعبين معًا إلى فندق قبل المباريات التي تلعب في “كامب نو”، وكانت تلك بادرة معتادة تحت قيادة “بيب جوارديولا”، ولكن تم التخلص منها تدريجيًا تحت قيادة لويس إنريكي ولم يواصلها فالفيردي أو سيتين أو كومان.
ووقع الاختيار على فندق “الأميرة صوفيا”، وهو فندق من فئة الخمس نجوم بالقرب من الاستاد، والذي يحظى أيضًا بشعبية بين عائلات اللاعبين وكبار الوكلاء، حيث يُقيم به ريال مدريد عندما يأتون إلى المدينة.
7- التضحية بجميع الطاقم الفني الذي عمل مع كل المُدربين السابقين في برشلونة، والموظف الوحيد الذي استمر من فريق “رونالد كومان” هو مدرب حراس المرمى “خوسيه رامون دي لا فوينتي “،الذي كان يعمل مع حراس مرمى برشلونة منذ أن كان تشافي لا يزال في الفريق الأول.
8- إقالة طبيب الفريق الأول “خوانجو براو”، حيث كان تشافي يعرفهما جيدًا ويعاني معهما، حيث كانا أيضًا في النادي خلال فترة وجوده كلاعب، لكنه قرر بالفعل التخلي عنهما، مع الاعتماد على طبيبه المفضل في السد القطري “نوجيرا”.
تم الترحيب بهذا القرار على نطاق واسع بسبب سلسلة الإصابات ومشاكل اللياقة التي أعاقت الفريق في الأشهر والسنوات الأخيرة.
وتعرض برشلونة لـ 23 إصابة هذا الموسم، 17 منها مشاكل عضلية، وهو الوضع الذي تم تسليط الضوء عليه، عندما خرج كل من أنسو فاتي وإريك جارسيا ونيكو جونزاليس في التعادل 3-3 مع سيلتا فيجو في اليوم التالي لتأكيد عودة تشافي.
كما أصبح من الشائع أيضًا أن يعاني اللاعبون من انتكاسات خلال فترة تعافيهم، على سبيل المثال ديمبيلي وبيدري مؤخرًا، لذلك رأى تشافي وضع حد لكل تلك الأزمات، التي هو في غنى تمامًا عنها.
9- تم التخطيط لتغييرات هيكلية داخل طاقم تحليل الأداء، وأوضحت المصادر بالفعل أنه تم توجيه الشكر لبعض محللي البيانات، مع تعيين بدلاء لهم لملء الأدوار في كل من تحليل الخصوم واستكشاف المواهب الجدد.
غادر عشرات الموظفين في تكليفات مختلفة داخل هيكلة النادي أو أعيد تحديد أدوارهم، ومن ضمن هؤلاء “جوردي كرويف”، الذي جاء في الصيف للعمل كرئيس للكشافين الدوليين، ولكن تشافي طالب بإعادة هيكلة دوره، مع أخذ نصيب الأسد في اختيار الصفقات الجديدة، والوقوف على الأسماء التي يتم مراقبتها وفئات البحث وأماكن إرسال الكشافة.
10- إعادة “Barca DNA” سواء في طرق اللعب والتدريبات، أو في السمات الشخصية للاعبين، واستغل تشافي الآمال المعقودة على جيل برشلونة الجديد من الشباب المحليين، مثل “فاتي – نيكو – بيدري- أراوخو- جافي”.
وأظهر تشافي من٫ يومه الأول ثقته في أكاديمية “لا ماسيا”، من خلال منح الظهور لأول مرة إلى “إلياس أخوماش” البالغ من العمر 17 عامًا في أول مباراة له كمدرب.
وكان هناك تفضيل واضح للاعبين الذين تطوروا داخل نظام شباب النادي، بمعاونة ومشورة الخبير ومسؤول لاماسيا الأول “ألبيرت كابياس”، الذي كان مدربًا لفريق برشلونة الثاني، عندما تم تصعيد تشافي نفسه للفريق الأول في أواخر التسعينيات.