في ظل التغييرات الكثيرة التي شهدها برشلونة خلال الصيف الماضي، مرّ أحد القرارات بهدوء تام دون ضجيج إعلامي، لكنه اليوم يتصدر المشهد. لاعب شاب، لا يتجاوز عمره 20 عامًا، كان في طريقه للخروج على سبيل الإعارة أو البيع النهائي، بعد أن بدا أن فرصه في الفريق الأول محدودة في ظل ازدحام خط الوسط.
لكن المدرب الألماني هانسي فليك، والذي تسلم المهمة قبل بداية الموسم، أوقف كل شيء. قرر الاحتفاظ باللاعب ومنع رحيله، دون أن يكشف الكثير عن أسباب هذا القرار. وبعد أسابيع فقط، جاءت اللحظة التي أثبتت صحة هذا الرهان… وكانت النتيجة مفاجئة للجميع.
خلال مباراة برشلونة أمام فالنسيا، قرر فليك الاعتماد على مارك كاسادو في التشكيلة الأساسية، بعد إصابة فرينكي دي يونغ. البعض ظن أنه مجرد قرار اضطراري، لكن الأداء الذي قدمه اللاعب الشاب كشف العكس تمامًا.
كاسادو ظهر بثقة كبيرة، لعب بنضج تكتيكي، وقدّم واحدة من أكثر المباريات هدوءًا وانضباطًا. لم يكن بحاجة إلى تمريرات ساحرة أو أهداف ليلفت الأنظار، بل قدّم ما يحتاجه أي مدرب في المباريات الكبيرة: التوازن، الانضباط، والقراءة الذكية للمباراة.
ما يميز كاسادو أنه ليس فقط لاعب وسط تقليدي. يمتلك مرونة فنية كبيرة تسمح له باللعب كمحور دفاعي، وأيضًا في مركز الظهير أو كجناح دفاعي عند الحاجة. هذه القدرة على التكيّف هي بالضبط ما يبحث عنه فليك في مشروعه الجديد.
المدرب الألماني معروف بتفضيله للاعبين القادرين على تغطية أكثر من مركز، خصوصًا في ظل جدول مزدحم بالمباريات وتكرار الإصابات. ومع استمرار غياب دي يونغ، وتدوير بيدري وفيرمين، أصبح كاسادو أحد أهم مفاتيح التوازن في خط وسط برشلونة.
بعيدًا عن الأداء الفني، يتمتع كاسادو بعقلية مثالية لأي فريق كبير. التزامه الكامل، وقبوله بالجلوس على الدكة في بعض المباريات، دون ضجيج، ثم تقديم أفضل أداء عندما تُتاح له الفرصة، جعلته يحظى بثقة الجهاز الفني بسرعة.
هانسي فليك يرى في كاسادو لاعبًا لا غنى عنه في الأوقات الصعبة، ويعتبره من النماذج التي يجب أن تُبنى حولها ثقافة الفريق.
قال مصدر مقرب من المدرب:
“فليك لا يعتبره مجرد احتياطي.. بل قطعة رئيسية في المنظومة الجديدة لبرشلونة”.
الموسم لا يزال في بدايته، لكن السؤال الآن لم يعد “هل يستحق كاسادو فرصة؟”، بل أصبح:
“هل يحجز مكانًا دائمًا في التشكيلة الأساسية؟”
مع توالي المباريات، وعودة دي يونغ لاحقًا، سيجد فليك نفسه في موقف صعب.. لكن المطمئن أنه يمتلك لاعبًا جاهزًا، ملتزمًا، وموثوقًا، قادرًا على تقديم مستوى ثابت كلما طُلب منه.
مارك كاسادو لم يعد مجرد موهبة من لاماسيا، بل مشروع لاعب أساسي قادر على ترك بصمة حقيقية في خط وسط الفريق الكتالوني، ليس فقط هذا الموسم… بل لسنوات قادمة.